حيوانات أليفة على متن الطائرات- حقوق المسافرين وخصوصيتهم في رحلة جوية

المؤلف: منيف الحربي08.23.2025
حيوانات أليفة على متن الطائرات- حقوق المسافرين وخصوصيتهم في رحلة جوية

إن مسألة اصطحاب قطة أو كلب صغير على متن الطائرة ليست بالجديدة، ولكنها تثير نقاشًا واسعًا حول حدود الخصوصية وحقوق المسافرين، بين مؤيد يعتبرها رفيقًا مشروعًا وضروريًا للبعض، ومعارض يرى فيها تجاوزًا غير مريح وغير مقبول.

في هذا الأسبوع، اندلعت موجة من الجدل على منصة "X" بعد أن نشرت إحدى السيدات أنها اصطحبت قطتها معها على متن الطائرة، وأرفقت صورة للقطة وهي تستقر في حضنها أثناء الرحلة. هذا التصرف أشعل فتيل النقاش مجددًا حول هذه القضية الشائكة.

انقسمت ردود الأفعال على هذا المنشور بين مؤيد بشدة ومعارض بشراسة، وكل طرف يمتلك وجهة نظر جديرة بالاحترام والتقدير. رأى البعض في هذا الأمر لمحة إنسانية رائعة تعكس تطور مفهوم "تجربة السفر" ومرونته في استيعاب الاحتياجات والتفاصيل الشخصية للمسافرين، بينما عبّر آخرون عن استيائهم الشديد وانزعاجهم العميق، خاصةً أولئك الذين يعانون من الحساسية المفرطة تجاه الحيوانات الأليفة أو الذين يشعرون بعدم الارتياح والقلق حيال وجودها في الأماكن المغلقة لأسباب متنوعة تتعلق بالرائحة أو الخوف أو غيرها من العوامل النفسية والجسدية.

تجدر الإشارة إلى أن التشريعات الدولية منحت شركات الطيران الحرية الكاملة في وضع "سياساتها الخاصة" فيما يتعلق بنقل الحيوانات الأليفة داخل كابينة الركاب، فلا يوجد قانون دولي يُلزم هذه الشركات بالسماح بذلك أو يمنعها منه، فالأمر متروك لتقدير كل شركة على حدة وفقًا لمعاييرها ولوائحها الداخلية.

على سبيل المثال، تتبنى بعض الشركات مثل الخطوط الجوية القطرية وطيران الإمارات والخطوط البريطانية سياسة صارمة تمنع منعًا باتًا اصطحاب الحيوانات الأليفة داخل مقصورة الركاب، بينما تسمح شركات أخرى مثل طيران الاتحاد والخطوط التركية والسعودية والمصرية بنقل هذه الحيوانات وفق ضوابط وإجراءات محددة تشمل الوزن المسموح به، وحجم القفص المناسب، وضرورة إبقاء الحيوان داخل القفص طوال مدة الرحلة، بالإضافة إلى توفير الشهادات الصحية والتصاريح الرسمية اللازمة.

يرى المؤيدون لهذا التوجه أن من حق المسافر اصطحاب حيوانه الأليف المحبوب ما دامت الأنظمة واللوائح تسمح بذلك ولا يوجد ما يمنعه، في حين حذّر المعارضون من المضايقات المحتملة التي قد تنجم عن ذلك، خاصةً في ظل غياب آلية واضحة ومتاحة تتيح للمسافر اختيار مقعد بعيد عن الحيوانات الأليفة أو معرفة ما إذا كان هناك حيوان على متن الرحلة مسبقًا.

هنا يتبادر إلى الذهن سؤال هام ومحوري: هل يحق للمسافر الذي يعاني من حساسية مفرطة أو لا يشعر بالراحة والاطمئنان بوجود الحيوانات بجواره أن يتم إبلاغه بوجود حيوان أليف على متن الرحلة قبل الإقلاع؟

وماذا لو قام المسافر بدفع مبلغ إضافي كبير لحجز مقعد مميز ومريح، ثم فوجئ أثناء الرحلة بأن الراكب المجاور له يصطحب قطة صغيرة، والطائرة ممتلئة بالكامل بحيث لا تتوفر مقاعد بديلة لنقله إليها؟

على الرغم من بساطة هذا السيناريو الظاهري، إلا أنه يطرح مسألة أعمق وأكثر تعقيدًا تتعلق بتحقيق التوازن الدقيق بين خصوصية كل مسافر وحقوق الآخرين المحيطين به.

لقد وضعت شركات الطيران شروطًا صارمة ومحددة للمقاعد القريبة من مخارج الطوارئ أو المقاعد التي تتميز بمساحة إضافية للراحة، فلا يُسمح بالحجز في هذه المقاعد للأشخاص الذين يحملون أطفالًا رضع أو يعانون من إعاقة جسدية تعيق حركتهم، وربما حان الوقت الآن لإدراج الحيوانات الأليفة ضمن هذه السياسات والإجراءات، بما يضمن حق "الراكب الرافض" لوجود الحيوانات في معرفة موقعها مسبقًا أو تغيير مقعده عند الحجز، لا سيما في الرحلات الطويلة أو المزدحمة التي تتطلب قدرًا أكبر من الراحة والهدوء.

مع تنوع أنماط السفر وتعقيدات الحياة العصرية، أصبح من المعتاد أن تشهد الرحلات الجوية حالات غير تقليدية واستثنائية، مثل اصطحاب كلب مرافق لشخص كفيف يعتمد عليه في التنقل، أو طلب نقل أنواع معينة من الحيوانات غير الأليفة مثل الزواحف النادرة، وتجدر الإشارة إلى أن بعض الخطوط الجوية، خاصةً في منطقة الخليج العربي، تسمح بنقل الصقور داخل مقصورة الركاب ضمن ترتيبات خاصة وإجراءات محددة.

كل هذه الحالات والأمثلة المتنوعة تؤكد الحاجة الماسة إلى تبني مقاربة مرنة وعادلة تراعي التنوع الإنساني الغني دون المساس بحقوق أي طرف من الأطراف، فالسفر لم يعد مجرد انتقال بسيط بين نقطتين محددتين، وإنما أصبح تجربة مشتركة تتطلب تنظيمًا دقيقًا يحفظ الخصوصية الفردية، ويضمن أقصى درجات الراحة والرفاهية لجميع المسافرين.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة